
جميع البيانات المنشورة من الشركة لا تعد توصية من الشركة باتخاذ قرار استثماري معين،
والشركة غير مسئولة عن أي تبعات قانونية أو قرارات استثمارية أو خسائر تنتج عن استعمال هذه البيانات.
يمتلك الاتحاد الأوروبي أداة قوية يمكنه استخدامها في النزاعات التجارية، وإن كان يأمل ألا يضطر لتفعيلها أبدًا.
ومع تصاعد ضغوط الرئيس دونالد ترامب على التكتل وتهديده بفرض رسوم جمركية شاملة بنسبة 30% على الواردات الأوروبية، بدأت بعض الدول الأعضاء تطرح إمكانية اللجوء إلى "أداة مكافحة الإكراه".
وتتيح هذه الأداة للاتحاد الأوروبي اتخاذ مجموعة واسعة من التدابير تتجاوز نطاق التجارة في السلع، وذلك ردًا على أي إجراءات قسرية يتخذها شريك تجاري. ومن هذا المنطلق، يسعى التكتل الأوروبي إلى الرد بالمثل: إذ إن حملة ترامب العالمية لفرض الرسوم ربطت التجارة بجملة من القضايا غير المرتبطة بها، مثل ضرائب القيمة المضافة وتهريب المخدرات والهجرة.
ما هي "أداة مكافحة الإكراه" ؟
"أداة مكافحة الإكراه" هي أقوى وسيلة يملكها الاتحاد الأوروبي للرد على الضغوط أو التهديدات الاقتصادية من طرف ثالث. إذا قرر الاتحاد أنه يتعرض لإكراه اقتصادي، يمكنه الرد بسلسلة من الإجراءات العقابية تستهدف وصول الدولة المعنية إلى أحد أكبر الأسواق العالمية في السلع والخدمات.
في حالة الولايات المتحدة، قد يشمل ذلك فرض ضرائب جديدة على شركات التكنولوجيا الأمريكية العملاقة، أو قيودًا على الاستثمارات الأمريكية في أوروبا، أو حتى حظر مشاركة الشركات الأمريكية في مناقصات العقود العامة داخل الاتحاد.
مع ذلك، يرى الاتحاد الأوروبي أن الهدف الأساسي من الأداة ليس الانتقام بقدر ما هو الردع، حيث إن التهديد باستخدامها بحد ذاته قد يجعل الدول الأخرى تفكر مليًّا قبل استخدام التجارة كسلاح دبلوماسي.
ما أصل الأداة؟
اقترحت المفوضية الأوروبية هذه الأداة استجابةً لسلسلة من نداءات الاستفاقة، من بينها الإجراءات التجارية التي اتخذها ترامب ضد الاتحاد الأوروبي خلال فترته الرئاسية الأولى، إلى جانب الحصار التجاري الصيني المفروض على ليتوانيا في عام 2021 بسبب علاقاتها مع تايوان، وهي أحداث كشفت هشاشة الاتحاد أمام الضغوط الاقتصادية عبر التجارة والاستثمار.
وتتماشى الأداة مع سياسة التجارة الجديدة التي أطلقها الاتحاد في ذلك العام تحت عنوان "الاستقلالية الاستراتيجية المنفتحة"، والتي تهدف إلى تمكين التكتل من الدفاع عن مصالحه وقيمه، مع السعي للتعاون متعدد الأطراف حيثما أمكن.
متى يمكن استخدام أداة مكافحة الإكراه؟
لاستخدام الأداة، يتوجب أولًا على الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي الاتفاق جماعيًا على أن هناك حالة من الإكراه الاقتصادي. بعد ذلك، يمكن اعتماد إجراءات الرد من خلال التصويت بالأغلبية المؤهلة، أي موافقة 55% من الدول الأعضاء تمثل مجتمعة 65% من سكان الاتحاد — ما يمنح دولًا كفرنسا وألمانيا وزنًا كبيرًا في القرار.
ما المقصود بـ"الإكراه في التجارة"؟
الإكراه التجاري هو استخدام أدوات تجارية — مثل الرسوم الجمركية، والتدابير المضادة للإغراق، والحصص — لإلحاق الضرر بشريك تجاري لأسباب لا تستند إلى قواعد التجارة الدولية المقبولة، ولا تعالج خللًا حقيقيًا في العلاقة التجارية. الهدف من ذلك عادةً هو فرض كلفة اقتصادية على الطرف الآخر كجزء من نزاع دبلوماسي أوسع.
لماذا يجري الحديث عن الأداة الآن؟
فرنسا، صاحبة ثاني أكبر اقتصاد في الاتحاد، تقود جهودًا متزايدة لتفعيل الأداة ضد الولايات المتحدة إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق تجاري بحلول الأول من أغسطس، وقرر ترامب فعليًا فرض رسوم جمركية بنسبة 30% على السلع الأوروبية.
لكن ترامب حذر مسبقًا من أن أي رد انتقامي على المصالح الأمريكية سيقابله بإجراءات أشد قسوة، ما يعني أن تفعيل الأداة قد يؤدي إلى تصعيد حاد في المواجهة التجارية عبر الأطلسي.
ويعتمد مؤيدو الأداة على أحداث سابقة كمبرر، مثل المواجهة الأمريكية الصينية في مايو، التي كادت توقف التجارة بين البلدين قبل أن يتراجع الطرفان عن الحافة.
كم يستغرق تفعيل الأداة؟
قد تستغرق العملية أسابيع أو حتى أشهر، حسب مدى سرعة إقناع الدول المترددة. تبدأ الإجراءات بتحقيق من المفوضية حول الادعاءات بالإكراه. وإذا رأت أن الشروط متوفرة، تقترح تفعيل الأداة على مجلس الاتحاد الأوروبي (الذي يمثل الدول الـ27 الأعضاء). ويملك المجلس حينها 10 أسابيع لاعتماد الاقتراح أو رفضه.
ما الذي يملكه الاتحاد الأوروبي أيضًا في جعبته؟
إلى جانب أداة مكافحة الإكراه، يستعد الاتحاد الأوروبي لاتخاذ إجراءات مضادة أخرى في حال فشل المفاوضات، أبرزها ما يُعرف بـ"الرسوم الموازنة" أو "التعويضية". وتشير أحدث المسودات إلى إمكانية استهداف صادرات أمريكية تصل قيمتها إلى 72 مليار يورو (84 مليار دولار)، تشمل طائرات بوينج، والسيارات، والويسكي الأمريكي، كرد مباشر على سياسات ترامب الجمركية.
خبرة أكثر من 15 عام في التحليل الأساسي (الإخباري والاقتصادي) لأسواق المال العالمية ومتابعة تطورات الاقتصاد العالمي بالإضافة إلى قرارات البنوك المركزية
Make sure you enter all the required information, indicated by an asterisk (*). HTML code is not allowed.